recent
أخبار ساخنة

ليلى الدسوقى : السيطرة الاثيوبية على منابع النيل ! حلم زائف (6)

إيجي تريند
الصفحة الرئيسية

 

ليلى الدسوقى


بقلم : ليلى الدسوقى

المشهد السادس : نظرية هارمون " الاختصاص الاقليمى المطلق "

تتسم التحركات الاثيوبية بالانفرادية و احادية الجانب و عدم التنسيق مع دول الحوض و خاصة مصر و السودان حيث لا تعتقد اثيوبيا فى وجوب اعمال " شرط الاخطار المسبق " قبل تنفيذ مشروعاتها المائية على روافد نهر النيل و تصر على حقها المطلق فى التصرف فى جزء النهر الواقع فى اراضيها دون الرجوع الى مصر او الى اى دولة اخرى من دول الحوض ايمانا منها بنظرية " الاختصاص الاقليمى المطلق " و التى تعرف ايضا ب " نظرية هارمون " 

ففي البداية كانت تستخدم الدول المياه العابرة دون أي قيود أو أي اعتبارات للضرر الحادث  استنادا الى نظرية هارمون 1895( نظرية السيادة الإقليمية المطلقة ) ، واستخدمها هارمون النائب العام للولايات المتحدة بالنزاع بين الولايات المتحدة والمكسيك حول نهر ريو جراند.

وعلى النقيض منها، نظرية الوحدة الإقليمية المطلقة، وهي لا تسمح للدول المشاطئة باستخدام مياه النهر أو إدخال أي تعديل على نحو يخل بحقوق الدول النهرية الأخرى ، ثم ظهرت نظريات وسيطة بين الرأيين، فمن ثمَ صدر بيان ستوكهولم 1961( نظرية السيادة الإقليمية المقيدة) ، والتي تسمح للدولة باستخدام المياه الجارية في أراضيها بحرية شرط عدم الإضرار بمصالح دول مشاطئة أخرى. كما ظهرت نظرية الانتفاع المشترك بالمياه الدولية وهي تعني تساوي الحقوق وتكاملها من دون انفراد.

كذلك نظرية وحدة المصالح، وتقوم على أساس تجاهل الحدود السياسية بين الدول المشاطئة والنظر إلى النهر في مجموعه بوصفه حوضًا واحدًا، يشكل وحدة اقتصادية وجغرافية واحدة.

و مما سبق يتضح لنا اعتناق اثيوبيا لنظرية هارمون التى تنص على ( للدولة النهرية الحق المطلق فى اتخاذ كافة التدابير فى استخدام جزء من النهر الواقع فى اراضيها دون ان تاخذ اى اعتبار لما يترتب على ذلك من اثر على الدولة ( او الدول ) الواقعة فى ادنى النهر )

و فى هذا الاطار فقد اكد البروفيسور " جابرى سيلاس زيودى " الاستاذ بجامعة اديس ابابا فى المحاضرة التى القاها ضمن فعاليات مؤتمر نهر النيل الذى نظمته جامعة تل ابيب فى مايو 1997 ان وجهة نظر الاثيوبيين تجاه مسالة النيل تتمحور فى ان تنفيذ ايا من المشروعات التى انتهت اليها الدراسة التى اعدت بمكتب الاستصلاح الامريكى 1964 

و لقد تناول البروفيسور هارولد ماركوس من جامعة ميتشجان الامريكية موضوع مشاريع المياه فى اثيوبيا فى محاضرة ضمن مؤتمر نهر النيل الذى نظمته جامعة تل ابيب فى مايو 1997 ذكر فيها ان الاثيوبيين قد هددوا مرارا بعمل مشروعات لمنع تدفق مياه النيل الازرق و ذلك للحصول على تنازلات من مصر و ان التكنولوجيا اللازمة لذلك لم تكن متاحة بعد و ان الامبراطور هيلاسلاسى كان يامل فى عمل مثل هذه المشروعات لتوليد الكهرباء اللازمة لمشروعات التنمية فى افريقيا و لبيع المياه لمصر و السودان بيد انه نتيجة للضعف الاثيوبى لم يتمكن هيلاسلاسى من اجهاض معاهدات مياه النيل و ذكر ماركوس ان الامبرطور قد كلف مكتبا هندسيا فى نيويورك لدراسة امكانية بناء سد فى اثيوبيا للسيطرة على تدفق النيل الازرق و على بحيرة تانا لتوليد الكهرباء و لرى مناطق كثيرة فى اثيوبيا 

و من الجدير بالذكر ان " نظرية هارمون " اصبحت من النظريات البالية فى فقه القانون الدولى من الناحية العملية و لم يعد لها وجودا و لا توجد دولة فى العالم تنادى بها فيما عدا تركيا 

و الخطير فى السلوك التركى حيال علاقاته الهيدروبوليتيكية مع كل من سوريا و العراق انه لا ينادى فقط بضرورة اعمال نظرية هارمون اى الاختصاص الاقليمى المطلق لتركيا على نهرى دجلة و الفرات بل و تذهب تركيا الى ما هو ابعد من ذلك من خلال اطلاق لفظ النهر العابر للحدود على نهرى دجلة و الفرات و ذلك بدلا من استخدام مفهوم النهر الدولى و الاخير هو المصطلح الادق و الذى نصت عليه كل الاتفاقيات التى عنيت بالانهار الدولية المشتركة بين اكثر من دولة بدءا باتفاقية برشلونة فى شان الملاحة فى الانهار الدولية لسنة 1921 ثم اتفاقية " هلسكنى لاحواض الانهار الدولية عام 1966 و اخيرا اتفاقية الامم المتحدة للاستخدامات غير الملاحية لمجارى الانهار الدولية عام 1997 

ان الامر الخطير فى لفظ النهر العابر للحدود كما تتبناه تركيا و تحذو اثيوبيا حذوها فى علاقاتها بدول المصب هو خطورة الدلالة السياسية للفظ ذلك ان المسكوت عنه فى هذا المفهوم فى غاية الاهمية و الخطورة حيث يفيد المفهوم بمنطق المخالفة ان النهر داخلى و محلى بالاساس و بالتالى يخضع للسيادة المطلقة للدولة التى ينبع منها غير انه تعدى حدود تلك الدولة و من ثم فان كونه تعدى و عبر الحدود لا يؤثر على دولة المنبع و لا يحد من السلطة المطلقة عليها

فمن الجدير بالذكر ان مصطلح النهر العابر للحدود قد ورد فى ملخص التقرير الفنى الصادر عن اللجنة الفنية لتقييم اثار سد النهضة و لم يحرك الجانب المصرى ساكنا تجاه هذه المسالة الخطيرة بل و الاخطر من ذلك ان ( الاجتماع الكارثى ) الذى عقدته رئاسة الجمهورية لمناقشة تداعيات سد النهضة - بحضور غير المتخصصين-  تم توزيع ملخص لملخص التقرير المذكور مع الابقاء على لفظ نهر النيل كنهر عابر للحدود 

ان تحركات اثيوبيا الانفرادية و الاحادية الجانب و عدم التنسيق مع دول حوض النيل و خاصة مصر و السودان قد يؤثر بالسلب ليس فقط على نمط التفاعلات الهيدروبوليتيكية فى الحوض و انما قد يكون احيانا على حساب المصالح الاثيوبية ذاتها ايضا و تبقى مسالة السيطرة و الهيمنة الهيدروبوليتيكية و ما تقتضيه من تحركات احادية الجانب لفرض الامر الواقع هى المسالة المحورية بالنسبة لاثيوبيا 

و آية ذلك التاثيرات السلبية لسد النهضة على المخزون الاحتياطى التعدينى فى اثيوبيا حيث ستتسبب البحيرة المتكونة امام السد فى اغراق بعض المناطق التعدينية الغنية بالكثير من المعادن المهمة مثل الذهب و البلاتين و الحديد و النحاس و بعض مناطق المحاجر و الجدير بالذكر ان اثيوبيا ليست غنية بالمعادن باستثناء منطقتين : احاهما فى الجنوب على الحدود مع كينيا و الاخرى و هى الاغنى تعدينيا فى منطقة سد النهضة و بالتالى فان اثيوبيا ستخسر اكثر من نصف رصيدها التعدينى غرقا بسبب بحيرة سد النهضة 


google-playkhamsatmostaqltradent